الاصابات الرياضية

لكي يستطيع الانسان من القيام بالامور الحياتي يجب عليه ان يملك القدر الجيد من النشاط الرياضي لمواصلة حياته بسلاسة ويسر، وهذا يشمل بالطبع جميع الاعمار والاجناس . نحن نعلم اليوم ان الرياضة والنشاطات الحركية تقلل من الاصابة بامراض القلب والشرايين وامراض الضغط الدموي والسكر(النوع الثاني) وكذلك ثبت ان النشاط البدني يقلل من التعرض لامراض السرطان . كذلك صار من المعلوم ان قلة ممارسة النشاط الرياضي المنتظم والتدخين والعادات الاخرى المختلفة التي تؤثر سلبا على جسم الانسان واعضاءه الداخلية قد تؤدي الى تقليل معدلات الصحة العامة وظهور معالم الشيخوخة سريعا .

لكن من الجانب الاخر وللاسف فان النشاط الرياضي المنتظم رغم فوائده الكبيرة على الصحة العامة قد يسبب لنا بعض الاصابات الرياضية المتعلقة بالجهاز الحركي .

الاصابات الحادة واصابات الحمل الزائد

الاصابات الرياضية يمكن ان تقسم الى نوعين رئيسيين هما الاصابات الحادة واصابات الحمل الزائد . فالاصابات الحادة هي الاصابات التي تقع مفاجئة دون اي اعراض سابقة بسبب الاحتكاك الخارجي مع المنافس او مع الاجهزة الرياضية او تجهيزات الملاعب او سؤ التجهيزات الرياضية وغيرها من الاسباب التي تؤدي الى التوقف عن ممارسة النشاط الرياضي مباشرة .

اما اصابات الحمل الزائد فهي الاصابات التي تنشا تدريجيا من جراء التدريب المستمر وباحمال تدريبية كبيرة التي تؤدي الى اجهاد الجهاز الحركي وبمرور الوقت تحدث الاصابة التي تعيق الرياضي من مواصلة النشاط البدني وغالبا تكون اقل ضررا من الاصابات الحادة او المزمنة . لكن هذا لايمنع ان تكون في بعض الاحيان صعبة العلاج ، خاصة اذا كانت الاعراض تنشا مباشرة ، وهذه الاصابات غالبا ما تكون نتيجة لاعراض مستمرة لفترة طويلة ، فعلى سبيل المثال الكسور الاجهادية التي يكون سببها الاجهاد المستمر على العظم المكسور لفترة زمنية طويلة ، واحيانا تصنف هذه الاصابة على انها من الاصابات الحادة ، لكن في الواقع ان الكسر حدث نتيجة الجهد المستمر لفترة طويلة ، فلذلك يجب تصنيفها ضمن مجموعة اصابات الحمل الزائد.

يمكننا التميز بين الاصابات الحادة واصابات الحمل الزائد من خلال وصف الاصابة ميكانيكياً ، فالتقلص العضلي ثابتاً كان ام متحرك يؤدي الى قوة حمل مؤثرة في داخل التراكيب الحركية الداخلية التي تؤدي بالتالي الى تشويه الالياف المكونة للجزء في الجهاز الحركي . وكل نوع من الالياف تتميز بقدرة محدودة من تحمل العبء التدريبي بحيث لا يمكن للجسم تخطيه لانه سيقودنا للاصابة . وعليه فنرى ان الاصابات الحادة تنشأ عند التحميل الزائد الذي يفوق الحد الاقصى لطبيعة الجزء المتدرب وبشكل كبير مما يؤدي الى انتكاسة النسيج الليفي المكون لهذا الجزء وتشويهه. اما اصابات الحمل الزائد فسببها التكرارات المتتالية للتحميل الذي لايؤدي الى تلف الانسجة مباشرة لكنها تتاثر بشكل ظئيل جداً ومن خلال التكرار ولفترة زمنية محددة يؤدي الى عجز الجزء المتدرب من اداء وظائفه الحركية .

الاصابة الحادة هي الاكثر شيوعا في الفعاليات الرياضية التي تعتمد على السرعة العالية وفيها حوادث السقوط (كركوب الخيل وسباق الدراجات النارية والتزحلق على الجليد) او الفعاليات الرياضية التي فيها احتكاك مباشر مع الخصم ( كالعاب الكرة بانواعها او الفعاليات القتالية) . اما اصابات الحمل الزائد فتكون منتشرة بقسم الرياضات التي تمتاز بالاداء الهوائي (كسباقات الجري لمسافات طويلة او سباق الدراجات اوالتجذيف) ، كذلك تكثر في الرياضات التي تعتمد على الاداء المتكرر لنفس الحركات وبشدة عالية ( كالتنس ورمي الرمح ورفع الاثقال والقفز العالي) ، كل هذه النشاطات تكون في الاغلب عرضة لاصابات الحمل الزائد .

كيف تنشأ الاصابات

المبدا الاساسي للتدريب هو تفاعل الجسم مع النشاط البدني والرياضي من خلال الاحمال التدريبية المخطط لها ان تعمل على التكيف الفسلجي والبدني للجسم . فالتدرج بالاحمال وزيادتها يعمل على زيادة كفاءة الانسجة العضلية وقدرتها على تحفيز عدد اكبر من الخيوط البروتينية للمشاركة في العمل العضلي ومن ثم زيادة عدد الالياف وزيادة في تضخمها مما يؤدي الى تكيفها على التدريب الاولي ان كان في التحمل او القوة القصوى . هذا المبدأ يسير على كل انواع الانسجة ، فعملية التكيف نفسها في الانسجة الخاصة بالهيكل العظمي او الاوتار او الرباطات او الغضاريف ، فتصبح هذه الانسجة اكثر قوة وتحمل للاحمال البدنية .

لكن زيادة الحمل التدريبي اكثر من قدرة الانسجة على التكيف يؤدي الى الاصابة. فاصابات الحمل الزائد تزداد عند زيادة الاحمال التدريبية وخاصة عند زيادة الشدة والحجم التدريبي معاً في وقت واحد ، وهذه تظهر في المعسكرات التدريبية او في بداية المواسم حيث يزداد الحمل اكثر من قدرة تكيف الانسجة ويتم هذا من خلال (زيادة في السرعة، زيادة في التكرار، زيادة في الكم) فتحدث الاصابة .

الانواع المختلفة للاصابات

الاصابات الرياضية يمكن تقسيمها ايضاٌ الى اصابات الاجزاء الدقيقة (اصابات الغضاريف ، اصابات العضلات ، اصابات الاوتار ، اصابات الاربطة) او اصابات الهيكل العظمي (الكسور) . هناك اختلاف كبير بينهما بميكانيكية الاصابة ووقوعها في مختلف انواع هذه الانسجة ، وكذلك تختلف في امكانية التكيف مع التدريب . وفي ما ياتي سنذكر بماذا تتميز هذه الانواع المختلفة من الانسجة وكيفية حدوث اصاباتها .

الاربطة

بنائها ووظائفها

الاربطة تتكون من نسيج كولوجيني مرن ضام يعمل على ربط العظام في ما بينها . الوظيفة الرئيسة للاربطة هي التثبيت والاستقرار للهيكل العظمي . فضلا عن ذلك فهي من المستقبلات المهمة للايعازات العصبية .

الاربطة تتكون بشكل رئيسي من خلايا الالياف الكولاجينية و والبروتيوغليكان . وتكون الخلايا الكولاجينية ذات الاهمية الكبرى في البناء التركيبي للاربطة ، حيث ان وظيفتها الاساسية هي انتاج الالياف الكولاجينية. اما معدل البروتيوغليكان فيكون اكثر في خلايا الغضاريف عنه في الاربطة  . وهذه الالياف الكولاجينية تنتظم بشكل متوازٍ وطولي في العضلات  والاوتار ، في حين النسيج الليفي في الاربطة يكون متوازي بشكل مستعرض او على شكل ملتف كما في في الرباط الصليبي الامامي . لهذا نرى ان البناء التركيبي للاربطة يكون بتركيبة خاصة ومنسجمة مع وظائفها فضلا عن بعض الالياف المطاطية التي تعطيها صفت المطاطية اكثر من الاوتار.

وتكون نشأة الاربطة بطريقة مباشرة او غير مباشرة . فالطريقة المباشرة تنشأ من الالياف الغضروفية والمواد المعدنية في الغضاريف ومحتوية على الالياف الكولاجينية التي تمتد بصورة عمودية . اما غير المباشرة فتنشا من المنطقة المحيطة بغشاء العظم (السمحاق) .

تحتوي الاربطة على مجموعة من مختلفة من الانسجة العصبية التي تعمل على تجهيز الجهاز العصبي بمختلف المعلومات حول المكان والحركة والالم . وتعتبر هذه المعلومات غاية في الاهمية من اجل السيطرة على حركات العضلات المحيطة بالمفاصل .

اصابات الاربطة تؤدي الى تقليل قدرات الفرد في تحديد المواقف والحركة المناسبة بل ان الاصابة تقلل من استقرار المفصل وان التحفيز الكبير لعمل الاربطة والعضلات قد يؤدي الى زيادة المخاطر للتعرض للاصابات.

يكون رد فعل الاربطة للمرونة بحيث يبدأ من وضع الاسترخاء العادي ثم التمدد البيسط وبزايدة القوة قليلا يظهر لنا الخط الفاصل بين التمدد والتشوه في الرباط ، وهذا يعني ان الاربطة تعمل كالنابض الحلزوني او اللدائن المطاطية التي لها قابلية التمدد لنسبة معينة وبعدها تتعرض للتمزق والتشوه ، ويجدر هنا الذكر ان نسبة مطاطية الاربطة تقريبة تساوي 4%. وطبعا هذه النسبة تزيد او تنقص حسب طول الاللياف الكولاجينية المكونة للرباط واستعراضها ، لان استعراض الالياف يؤثر ايضا بقوة وصلابة الرباط .

التكيف مع التدريب

نسيج الرباطات تتكيف مع التدريب بصورة بطيئة نسبياً مع الاحمال التدريبية ، وتضعف الرباطات بسبب عدم الحركة . اما التكيف فيحدث من خلال زيادة المقطع العرضي جراء التدريب ، وبذلك تتغير المواصفات الخاصة للاربطة بسبب هذا التكيف وتصبح اكثر قوة . هنا يجدر الاشارة الى ان النشاطات اليومية الاعتيادية (غير الرياضية ) تكون كافية لان تمنح القوة لرباطات الجسم وبنسبة تصل الى 80-90% . اما النظام التدريبي الرياضي فيساهم في زيادة هذه القوة الى 10-20% . اما عدم الحركة (في حالات تثبيت المفاصل) فيعطي نتائج سلبية مباشرة على القوة العامة للاربطة ، وتصل بعد اسابيع قليلة الى نصف القوة الطبيعية . لكن يستطيع الرجوع الى قوته الطبيعية بعد فترة قصير من التدريب .

اصابات الاربطة

تتعرض الاربطة الى الاصابات الحادة واصابات الحمل الزائد ، وتكون غالباً بسبب صدمة مباشر. اما ميكانيكية الاصابة فتكون بسبب حمل تدريبي عالٍ وبشكل مفاجئ  يؤدي الى تمدد الرباط بمدى اكبر من المدى الطبيعي ، وعلى سبيل المثال الالتواء في الكاحل (مفصل القدم) فيؤدي الى تمزق الرباط الكاحلي الشظوي الوحشي الامامي ، ويحدث التمزق اما في وسط الرباط او في طرفه ، اما ان يكون تمزق جزئي او كلي. ان بعض حوادث التمزقات تؤدي الى قلع جزء من العظم الذي يرتبط به الرباط وتسمى هذه الحالة بالتمزق القلعي .

التمزقات الموضعية تعتمد على عدة شروط منها عمر المصاب الذي يلعب دور كبير بدرجة اللاصابة ، فنرى ان اغلب اصابات الاطفال هي التمزقات القلعية التي تتسبب بقلع جزء من العظم مع الرباط المتمزق ، اما في سن المراهقة  فنرى ان التمزق في المنطقة الوسطية من الرباطات هي المنطقة الاكثر ضعفاً والاكثر عرضةً للاصابة ، وعند متوسطي الاعمار نجد ان التمزقات من طرف الرباطات هي الاكثر انتشاراً ، في حين الاصابات الاوسع انتشاراً لدى كبار السن هي التمزقات القلعية ايضاً بسبب هشاشة العظام والذي ينتشر عند كبار السن .

اصابات الحمل الزائد للاربطة تكون نادرة الحدوث ولا تظهر اي اعراض للالتهابات في المنطقة المصابة ، وتنشأ هذه الاصابات تدريجية من خلال تعرض بعض الاماكن الدقيقة في نسيج الرباط الى صدمات متكررة وامتدادات خارج النطاق المحدود للمفصل ولفترة زمنية طويلة نسبية ، فعلى سبيل المثال مفصل الكتف، فعند امتداد الرباطات الامامية للمفصل عند رياضي الرمي والقذف (رمي الرمح ، المطرقة ، لاعبي كرة اليد وغيرهم ..) فسيؤدي العمل المتكرر لمفصل الكتف وتحت ضغط الاحمال الكبيرة الى الشعور بالالم وعدم استقرار المفصل والسبب يعود الى الضغط على الرباط من قبل العظم تحت الاخرمي ، وهذه الحالة تكون واضحة جدا في الفترة الاولية للاصابة (بسبب التمدد الزائد) والتي تظهر فجئة بدون اي اعراض مسبقة . فنلاحظ ظهورالالم بسبب عدم استقرار المفصل وبعض التشوهات التي تصيب العضلات وبعض اجزاء المفصل الاخرى (كما في اصابات العضلة الكافة المدورة في الكتف) .

حسب التصنيف الدولي تنقسم شدة التمزقات الى ثلاث درجات ، (الدرجة1) هي البسيطة او الخفيفة ، (الدرجة2) وهي المتوسطة ، اما (الدرجة3) فهي الخطرة . فالتمزق بالدرجة البسيطة يتميز باصابات خفيفة باجزاء المفصل والرباط ينتج عنها الم خفيف في منطقة المفصل ، اما التمزق بالدرجة المتوسطة فيسبب التمزق الجزئي للرباط وورم واضح في المفصل مع اللام  لكن بصفة عامة يكون المفصل مستقر وسليم ، اما التمزق بالدرجة الخطرة فيتميز باللام مفاجئة وتورم وعدم استقرار في المفصل . ولهذا نرى ان هناك اختلافات كبيرة بين درجات التمزق في الاربطة من خلال درجة الالم والتورم ودرجة ثبات المفصل ، وهذه التصنيفات هي تصنيفات عامة ودولية وتعتبر الاساس في تصنيف الاصابة سريرياً. ولهذا نرى ان من الافضل استخدام هذه التصنيفات لتحديد درجة الضرر للرباط والمفصل ومن خلال بعض الاختبارات والفحوصات السريرية والتي سنتطرق لها في الفصول القادمة .

اما الاصابات الحادة للاربطة فتتميز بالقابلية الكبيرة في سرعة الاستجابة لمراحل الالتهاب التي تظهر في المفصل ، وهي بدورها تنقسم ايضاً الى ثلاث مراحل وكما يلي . مرحلة الالتهاب (المرحلة1) ، ومرحلة الاصلاح او العلاج (المرحلة2) ، ومرحلة اعادة البناء (المرحلة3) .

مراحل الالتهاب

الالتهاب هو ردة فعل الانسجة الموضعي في الاوعية الدموية التي تعرضت للحمل الزائد وتعاني من تضرر واصابة في الخلايا . فهناك خمسة اعراض اساسية للالتهابات وهي (الاحمرار ، والتورم ، وارتفاع درجة الحرارة ، والالم ، وانخفاض في الاداء الوظيفي). وهي الاكثر انشاراً وظهوراً في الاصابات الرياضية .

في الظروف الطبيعية تكون الكريات الدم الحمراء والبيضاء وبلازما الدم محصورة داخل الاوعية الدموية . لكن عند اصابة هذه الاوعية (البطانة الوعائية) تؤدي الى تسرب هذه المكونات الى الخارج فينشط الالتهاب من خلال مجموعة مختلفة من الوسائط التي تؤدي بشكل رئيسي الى زيادة نفاذية الاوعية الدموية ونشاط حركة كريات الدم البيضاء والصفيحات الدموية وتجلط الدم .

هذه الواسطات الوعائية تكون مثبتة وموجودة على الخلايا البطانية في خلايا العضلات الملساء التي تعمل على توسيع الاوعية الدموية او تضيقها ، فالخلايا المتعادلة الحبيبية والخلايا اللمفوية تتحفز مع عوامل الانجذاب الكيمياوي التي تصدر من الخلايا المتضررة ، هذه الخلايا هي التي تحدد مجموعة وسطاء الالتهاب واهم هذه الوسائط هما البروستاغلاندين (Prostaglandin) و ليكترينا (Leukotriene) .   

المرحلة الاولى (مرحلة الالتهاب)

مرحلة الالتهاب تبدأ من النزيف وافراز البلازما ،عندها ينشط نظام التخثر الدموي الذي يؤدي الى تكوين شبكة من الالياف الدموية المتخثرة (تجلط Koagulum) والالياف الكولوجينية (التي تعطي قوة لهذه الشبكة) والفبرونيكتين (Fibronectin) . هنا تعمل الخلاية المتعادلة الحبيبية على تحرير الانزيمات البروتينية التي تعمل على ذوبان الانسجة والاوعية الدموية التالفة . تعمل الصفائح الدموية والانسجة الضامة على تحرر عوامل النمو التي تجذب لها الخلايا الحوطية (Pericyte) والخلايا البطانية (Endothelium) والخلايا الليفية (Fibroblast) والتحفيز على الانقسامات الخلوية . فترة مرحلة الالتهاب تستغرق عدة ايام .

المرحلة الثانية (مرحلة الاصلاح او العلاج)

تتسم هذه المرحلة بانتشار كمية كبيرة من الخلايا البطانية (Endothelium) ، والخلايا الليفية الشاذة  (Myofibroblasts) ، والخلايا الليفية (Fibroblast) في الانسجة المصابة . وسنلاحظ خلال يومين نمو الشعيرات الدموية الجديدة في اطراف المنطقة المصابة ، وسينتظم كل من الخلايا الليفية الشاذة (Myofibroblasts) ، والخلايا الليفية (Fibroblast) على شكل تقاطعات على اطراف الاوعية الدموية الشعرية بحيث تسهم في تشكيل نسيج حبيبي غير ناضج ، هذه الخلايا تنتج خلايا اضافية التي تتكون من الخلايا الليفية (Fibroblast) والبروتيوغليكان (Proteoglycan) . فبعد اسبوع تزداد قوة البروتيوغليكان (Proteoglycan) . وفي نفس الوقت يستمر التحلل الاولي للدم المتخثر (المتجلط) والمصفوفات الخلوية المتضررة و المصفوفات المبنية حديثاً من خلال النسيج الضام الذي يأكل الكونات الخلوية الزائدة عن الحاجة بحيث يعمل النسيج تدريجيا على اعادة البناء والتشكل من جديد . فترة مرحلة الاصلاح والعلاج تستغرق بضعة اسابيع .

المرحلة الثالثة (اعادة البناء)

في المرحلة الاخيرة يتشكل هيكل النسيج ويعاد بناءه من خلال الاستمرار في اعادة تنظيم النسيج الندبي المحبب ، فينخفض بشكل ملحوظ عدد الانسجة الضامة ومصادر تدفق الدم من خلال اختفاء وتلاشي بعض الشعيرات الدموية ومنابع ضخ الدم فالالياف الكولوجينية السميكة تبنى بقوة ومتانة وهذا البناء يكون عبارة عن جسور مشتركة في ما بينها فتشكل النسيج الندبي فتكون وظيفته معتمدة على مدى المشاركة في الحمل التدريبي في هذه المرحلة والتي تستغرق عدة شهور .  

الاوتار

تبنا الاوتار من نسيج ضام كثيف وتقوم بربط العضلات مع العظام. مهمتها الرئيسة هي نقل القوة من العضلات الى الهيكل العظمي وكذلك تساهم في ثبات واستقرار المفاصل. تتألف الاوتار بشكل رئيسي من الالياف الكولوجينية (80-90%) حيث تشبه الى حد كبير بناء الاربطة.  تترتب الالياف الكولوجينية بشكل متوازٍ وحيث يظهر بناء الوتر على شكل هيكل كولوجيني كبير وواسع فضلا عن اللياف صغيرة واللياف ثانوية واللياف متلازمة (كما في الشكل ص14). الترتيب لنسيج الاوتار واضحة التوازي ومنظمة على شكل حزم بمختلف الاحجام والفرق كبير بينها وبين تنظيم الالياف لدى الاربطة التي تكون متغيرة التنظيم معتمدة على وظيفة الرباط.

حزم اللياف الاوتار تكون محاطة بنسيج ضام يدعى باطنة الوتر ويسمح بتحرك الحزم الليفية داخله. باطنة الوتر تحتوي على اوردة دموية وخيوط عصبية وانسجة لمفاوية. يحيط بالوتر من الخارج ايضا غشاء زلالي متكون من انسجة ضامة رقيقة جدا وتحوي على اوردة دموية واعصاب . تصطف الاوتار المنفردة مع النسيج الضام لتكون ما يسمى مجاورات الوتر التي تصطف بواسطة النسيج اللمفاوي.

وتر العضلة هي نهاية الخلايا العضلية التي تتشكل في خيوط دقيقة جدا تنتظم كالاصابع الصغيرة. الالياف الكولوجينية تصعد فوق الفجوات التي تكونت ما بين خيوط الاصبعية للخلايا الوترية ومنطقة اتصال الغشاء القاعدي للعضلة. على الطرف الاخر من الوتر يتعلق بالعظم من خلال الغضاريف ليفية اوتار والغضاريف المتمعدنة. تخترق الالياف الكولوجينية المنفردة التي تسمى الياف شاربي (Sharpey's fibers) الغضاريف المتمعدنة من اسفل الغضروف العظمي بحيث يسهم بزيادة الثبات والالتحام في الهيكل العظمي.

العلاقة مابين الحمل وتشوه الوتر هو نفس ما موجود في تشوه الرباطات كما ذكرنا سابقا (شكل ص10) . في البدأ يمكن للالياف الكولوجينية التمدد البسيط في المنحنى الطبيعي في المنطقة المرنة التي تعطي مرونة ونابضية تامة للوتر. لكن بعد هذا التمدد اذا استمر الشد والحمل قد يسبب التشوه وتمزق الوتر العضلي ، يبدأ هذا التمزق بالياف منفردة ومن ثم يستمر ليشمل التمزق الكامل للوتر.




الأعضاء