Aroussi Derradji / النشاط الرياضي المكيف

   يُعتبر النشاط الرياضي المكيف أحد أسمى و أرقى الخدمات المقدمة للفئات الخاصة ، فمن خلاله يُعبرون عن ذواتهم
و يكسرون حاجز الإعاقة و يُزيلون نظرة الشفقة الملازمة لهم و عُقدة الشعور بالعجز و النقص ، و يُشبعون رغباتهم بممارسة أنشطة بدنية تتلاءم مع قدراتهم و احتياجاتهم البدنية و النفسية ، و ذلك عن طريق تعديل و تكييف الأنشطة في عدة نواحي حسب الفئة الممارسة له ليُصبح في متناولهم المشاركة فيه دون خوف و دون عوائق .
1- مفهوم النشاط الرياضي المكيف :
- حسب الاتحاد الأمريكي للصحة و التربية الرياضية و الترويح و الرقص (AAHPERD) : التربية البدنية لذوي الإحتياجات الخاصة هي مجموعة من البرامج المتطورة و المتنوعة من الأنشطة و الألعاب الرياضية التي تتناسب مع قدرات الأفراد ذوي الإحتياجات الخاصة بحيث يتمكنون من إشباع رغباتهم في ممارسة أنشطة رياضية تعود عليهم بالنفع و تُسهم في استغلال قدراتهم . (عادل خوجة،2009،ص126) .
- و يُعرَّفه "حلمي إبراهيم و ليلى السيد فرحات" على أنه : يعني الرياضات و الألعاب و البرامج التي يتم تعديلها لتُلائِم حالات الإعاقة وفقاً لنوعها و شدتها ، و يتم ذلك وفقاً لاهتمامات الأشخاص غير القادرين و في حدود قدراتهم .
(حلمي إبراهيم،1998م،ص223) .
- و يُعرفه الدكتور أسامة رياض بأنه عملية تطوير و تعديل في طُرق ممارسة الأنشطة الرياضية بما يتلاءم مع قدرات الأفراد ذوي الإحتياجات الخاصة ، و يتناسب مع نوع و درجة الإعاقة لديهم ، كما يحتوي على مجموعة من الإجراءات التي تُتَخذُ في بعض الأنشطة الرياضية سواءاً من حيث التعديل في الأداء البدني أو تعديل بعض النواحي القانونية ، حتى يتسنى للمعاقين ممارسة الأنشطة الرياضية بصورة آمنة و فعالة . (فيرم الطيب،2016،ص45) .
من خلال التعريفات السابقة يُعرف الباحث  النشاط الرياضي المكيف على أنه كل الحركات و التمارين و الأنشطة و الرياضات التي يطرأُ عليها تعديل في جانب واحد أو عدة جوانب ليُصبح في متناول الأفراد ذوي الإحتياجات الخاصة - الذين لا يستطيعون ممارسة النشاط الرياضي العادي – الإشتراك فيها و ممارستها بصورة عادية .
1-2- أهداف النشاط البدني الرياضي المكيف :
- تنمية المهارات الحركية الأساسية لمواجهة متطلبات الحياة كالمشي و الجري و تغيير الإتجاه ، وحفظ التوازن و التوافقات التي تُساعده على المشاركة في أنشطة الحياة المتعددة .
- تنمية التوافق العضلي العصبي و ذلك باستخدام أجزاء الجسم السليمة لأداء النمط الحركي المناسب و النغمة العضلية للعضلات السليمة و الإتزان لأجهزة الجسم الوظيفية  .
- تنمية اللياقة البدنية الشاملة و اللياقة المهنية بما يتناسب مع نوع الإعاقة و درجتها، و ذلك لعودة الجسم إلى أقرب ما يكون طبيعياً ، و ذلك بزيادة قدرته على العمل و كفاءته في مواجهة متطلبات الحياة  .
- العمل على تقوية أجهزة الجسم الحيوية و الإتزان لجميع أجهزة الجسم المختلفة كالجهاز العصبي و العضلي و الدوري و التنفسي و غيرها من الأجهزة  .
- تصحيح الإنحرافات القوامية و الحد منها و علاج بعض الإنحرافات التي توجد نتيجةً للإعاقة حتى تُتاح لأجهزة الجسم الحيوية فرصة أداء وظائفها كاملة .
- تنمية الإحساس بأوضاع الجسم المختلفة و الإحساس بالمكان و معرفة الحجم و المساحة التي يتحرك فيها الجسم و إمكانية حركته في البيئة المحيطة به.
- زيادة قدراته من الممارسة الترويحية و استغلال وقت الفراغ في أنشطة ترويحية تعود عليه بالفائدة ، مما يساعد على اكتساب السلوك التعاوني و تنمية حب الجماعة و حب الوطن و رفع الروح المعنوية .
- اكتساب جاهزية حركية تُساعد على زيادة الإنتباه و حسن التصرف و التفكير من خلال ممارسة الأنشطة الرياضية .
- تنمية الإتجاهات السليمة نحو الشخصية السوية و زيادة الثقة بالنفس بمن حوله و قدراته و تُكيف نزاعاته و ميوله بطريقة تُساعده على اكتساب المهارات.
- الإعتماد على النفس في قضاء حاجاتهم المختلفة ، و عدم الإعتماد على الغير ، مع إمكانية العيش مستقلاً معتمداً على ذاته. (حلمي إبراهيم،1998،ص50) .
1-3- أسس النشاط الرياضي المكيف:
يُراعى عند وضع أُسس النشاط البدني الرياضي المكيف ما يلي :
-  العمل على تحقيق الأهداف العامة للنشاط البدني الرياضي  .
- إتاحة الفرصة لجميع الأفراد للتمتع بالنشاط البدني وتنمية المهارات الحركية الأساسية والقدرات البدنية .
- أن يهدف البرنامج إلى التقدم الحركي للمعاق و التأهيل و العلاج   .
- أن ينفذ البرنامج في المدارس الخاصة أو في المستشفيات و المؤسسات العلاجية .
- أن يمكن البرنامج المعاق من التعرف على قدراته و إمكانياته ، وحدود إعاقته حتى يستطيع تنمية القدرات الباقية لديه
 و اكتشاف ما لديه من قدرات .
- أن يمكن البرنامج المعاق من تنمية الثقة بالنفس واحترام الذات وإحساسه بالقبول من اﻟﻤﺠتمع الذي يعيش فيه ، وذلك من خلال الممارسة الرياضية للأنشطة الرياضية المكيفة. (أحمد بوسكرة،2008،ص115)   
1-4- أهمية النشاط البدني الرياضي المكيف :
   تُعد الممارسة الرياضية ذات أهميةٍ قصوى للمعوقين بما يفوق أهميتها للأصحاء ، فضلاً عن كوﻧﻬا ذات أهدافٍ علاجيةٍ و بدنيةٍ و نفسيةٍ و اِجتماعيةٍ و تأهيليةٍ ، و فيما يلي سنتناول أهمية النشاط الرياضي المكيف للمعوقين:
1-4-1- النشاط البدني الرياضي المكيف كوسيلةٍ علاجية : تُعد ممارسة النشاط البدني للمعوقين وسيلةً طبيعيةً للعلاج على هيئة تمرينات علاجية تأهيلية ، و كأحد المكونات الهامة للعلاج الطبيعي التي تُساهم بدرجة كبيرة في استعادة اللياقة البدنية للمعوق مثل:  استعادته للقوة العضلية و مهارة التوافق العضلي العصبي ، التحمل ، السرعة ، المرونة ، بالتالي استعادته لكفاءته و لياقته العامة في الحياة  . (أسامة رياض، 2000 ، ص22).
  و يُعد النشاط الرياضي وسيلة مرغوبة و مؤثرة في العلاج النفسي و الإجتماعي من قبل الأفراد و المجتمع عموماً ، و هي وسيلة علاج غير مباشرة تبتعد عن فكرة تحسيس الفرد أو إخباره بأنه مريض ، لكن شأن النشاط الرياضي مثل كل وسائل العلاج الأخرى يجب أن تتبع أُسساً و مبادئاً  علمية سليمة لتحقيق الهدف بأفضل مستوى.
1-4-2- النشاط البدني الرياضي المكيف كوسيلةٍ ترويحية : لرياضة المعوقين جوانب إيجابية عميقة تفوق كوﻧﻬا علاجاً بدنياً لهم ، فيتعدى الأمر كوﻧﻬا وسيلة ناجحة للترويح عن نفس المعوق ، كما تُشكل جانباً مُهماً من استرجاعه لعنصر الواقعية الذاتية و الصبر و الرغبة في اكتساب الخبرة و التمتع بالحياة ، و تُساهم الرياضة الترويحية بدور إيجابي كبير في إعادة التوازن النفسي للمعوق للتغلب على الحياة الرتيبة و المملة ما بعد الإصابة ، وتهدف الرياضة الترويحية هنا إلى غرس الإعتماد على النفس
و الإنضباط و روح المنافسة و الصداقة لدى المعوق ، و بالتالي تدعيم الجانب النفسي و العصبي لإخراج المعوق من عُزلته التي فرضها على نفسه في المجتمع . (مروان عبد المجيد،1997،ص111) .
  و لقد ظهر أن الأنشطة البدنية الترويحية كما يقول "رملي عباس" ذات قيمة مرتفعة للمعوقين في الإحتفاظ و تحسين أقصى حالةٍ بدنيةٍ و لزيادة الطاقة ، و للحفاظ على الإسترخاء ، و أيضاً للمساعدة كوسيلةٍ للتعبير عن الذات و التزود بخبراتٍ ذات أشياءٍ ملموسة و ذلك بالتعرض لمواقف واقعية ، و إتاحة الفرصة لهؤلاء المنطويين للإختلاط بالمجتمع .(عبد الفتاح رملي عباس،1991،ص102).
1-4-3- النشاط البدني الرياضي المكيف كوسيلة لإدماج المعاق في المجتمع :
من الأهداف النبيلة لممارسة النشاط البدني و الرياضي للمعوقين إعادة تأقلمهم و اِلتحامِهم بالمجتمع المحيط بهم ،  بمعنى تسهيل و سرعة استفادتهم
و إفادتهم للمجتمع  ، و يقول"أسامة رياض "إن النشاط الرياضي يلعب دوراً في التأثير على الفرد للتخلص من الإنطوائية
و العدوانية و الأزمات النفسية ، إضافةً إلى بعض الأمراض الأخرى كعدم الإنتباه أو عدم التركيز أو عدم تقييم المسافة أو عدم تقدير الزمن ، و إضافةً إلى كل ما تقدم فالنشاط الرياضي يكون فعالاً أيضاً في علاج بعض الأمراض الإجتماعية و يعمل على لم شمل الأفراد و جعلهم جماعةً واحدةً تعتز بنفسها ، مما يُحقق العمل الجماعي و احترام الذات كما أنه مبني أساساً على الإختلاط و إقامة و تطوير العلاقات فهو يضطر الأفراد و الجماعات إلى الإختلاط ببعضهم البعض كلاعبين أو مشاهدين . (أسامة رياض،2000،ص23).
   فإندماج الفرد في المجتمع كما يقول "محمد عوض بسيوني" يفرض عليه حقوقاً و واجباتٍ و يُعلمه التعاون و المعاملات
و الثقة بالنفس ، كما يتعلم كيفية التوفيق بين ما هو صالحٌ له فقط و ما هو صالحُ للجماعة و المجتمع ، و يتعلم من خلالها أهمية احترام الأنظمة و المعتقدات و قوانين المجتمع ، فالفرد لا يُمكن أن ينمو نمواً سليماً إلا إذا كان داخل الجماعة حيث أنه اجتماعي بطبعه ، و النشاط البدني و الرياضي يُحضر الفرص المناسبة للنمو السليم للأفراد و يُساعدهم على فهم العلاقات الإجتماعية و تكيفهم معها. (محمود عوض بسيوني،1992،ص17).




Members